اخترنا لكم : عبد الله بن سلام أبو هريرة

وقع في طريق النجاشي إلى كتاب خالد بن ماد القلانسي.

ليث بن البختري

معجم رجال الحدیث 15 : 145
T T T
قال النجاشي: «ليث بن البختري المرادي: أبو محمد، وقيل أبو بصير الأصغر، روى عن أبي جعفر(عليه السلام) وأبي عبد الله(عليه السلام)، له كتاب، يرويه جماعة، منهم: أبو جميلة المفضل بن صالح.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي القزويني، قال: حدثنا علي بن حاتم بن أبي حاتم، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا ابن فضال، عن أبي جميلة، عنه، به».
وقال الشيخ (٥٨٦): «ليث المرادي: يكنى أبا بصير، روى عن الصادق(عليه السلام) والكاظم(عليه السلام)، له كتاب».
وعده في رجاله (تارة) من أصحاب الباقر(عليه السلام) (١)، قائلا: «ليث بن البختري المرادي: يكنى أبا بصير، كوفي».
(و أخرى) في أصحاب الصادق(عليه السلام) (١)، قائلا: «الليث بن البختري المرادي: أبو يحيى، ويكنى أبا بصير، أسند عنه».
و(ثالثة) في أصحاب الكاظم(عليه السلام) (٢)، قائلا: «ليث المرادي: يكنى أبا بصير».
وذكره البرقي في أصحاب الباقر(عليه السلام) مرتين، تارة بعنوان أبي بصير ليث المرادي، (و أخرى) بعنوان ليث بن البختري، وفي أصحاب الصادق(عليه السلام) بعنوان ليث بن البختري.
أقول: ذكره مرتين في أصحاب الباقر(عليه السلام) من سهو القلم، أو من غلط النسخة، إذ لا يشك في أن الليث المرادي هو ابن البختري نفسه.
وتقدم في ترجمة بريد، عن الكشي نسبة عده من أصحاب الإجماع إلى بعضهم، وأرسل ابن داود كونه من أصحاب الإجماع إرسال المسلمات في آخر القسم الأول من كتابه، في فصل عقده لذكر أصحاب الإجماع الثمانية عشر.
وعد ابن شهرآشوب أبا بصير من الثقات الذين رووا النص الصريح على إمامة موسى بن جعفر(عليه السلام) من أبيه.
المناقب: الجزء ٤، باب أبي إبراهيم موسى بن جعفر(عليه السلام)، في (فصل في معالي أموره ع).
وقال ابن الغضائري: «ليث بن البختري المرادي: أبو بصير، يكنى أبا محمد، كان أبو عبد الله(عليه السلام) يتضجر به ويتبرم، وأصحابه مختلفون في شأنه، وعندي أن الطعن إنما وقع على دينه لا على حديثه، وهو عندي ثقة» (انتهى).
ثم إن الكشي ذكر في أبي بصير ليث بن البختري المرادي (٦٨) عدة روايات، بعضها مادحة وبعضها ذامة، فمن المادحة:«حدثني حمدويه بن نصير، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن جميل بن دراج، قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول: بشرالمخبتين بالجنة: بريد بن معاوية العجلي، وأبا بصير ليث بن البختري المرادي، ومحمد بن مسلم، وزرارة، أربعة نجباء أمناء الله على حلاله وحرامه، لو لا هؤلاء انقطعت آثار النبوة واندرست».
و قال في ترجمة زرارة (٦٢): «حدثني حمدويه، قال: حدثني يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد الأقطع، قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول: ما أجد أحدا أحيا ذكرنا وأحاديث أبي إلا زرارة وأبو بصير ليث المرادي، ومحمد بن مسلم، وبريد بن معاوية العجلي، ولو لا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هذا، هؤلاء حفاظ الدين وأمناء أبي على حلال الله وحرامه، وهم السابقون إلينا في الدنيا والسابقون إلينا في الآخرة».
وتقدمت.
أقول: هاتان الروايتان صحيحتان.
«حمدويه، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن شعيب العقرقوفي، قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام) : ربما احتجنا أن نسأل عن الشيء، فممن نسأل؟ قال: عليك بالأسدي، يعني أبا بصير».
أقول: الرواية وإن كانت صحيحة، إلا أن المذكور فيها الأسدي، وهو يحيى بن القاسم، ولم يظهر لنا وجه ذكرها في ترجمة ليث المرادي.
«حدثني محمد بن قولويه، قال: حدثني سعد بن عبد الله القمي، عن محمد بن عبد الله المسمعي، عن علي بن أسباط، عن محمد بن سنان، عن داود بن سرحان، قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول: إني لأحدث الرجل الحديث، وأنهاه عن الجدال والمراء في دين الله، فأنهاه عن القياس، فيخرج من عندي فيتأول حديثي على غير تأويله، إني أمرت قوما أن يتكلموا، ونهيت قوما، فكل تأول لنفسه، يريد المعصية لله ولرسوله، فلو سمعوا وأطاعوا لأودعتهم ما أودع أبي أصحابه، إن أصحاب أبي كانوا زينا أحياء وأمواتا، وأعني زرارة،و محمد بن مسلم، ومنهم ليث المرادي، وبريد العجلي، هؤلاء القوامون بالقسط، هؤلاء هم القوامون بالقسط، وهؤلاء السابقون السابقون أولئك المقربون».
أقول: هذه الرواية ضعيفة من جهة محمد بن عبد الله المسمعي، ومحمد بن سنان.
وقال في ترجمة بريد (١١٥):«حدثنا الحسين بن الحسن بن بندار القمي، قال: حدثني سعد بن عبد الله بن أبي خلف القمي، قال: حدثني محمد بن عبد الله المسمعي، قال: حدثني علي بن حديد، وعلي بن أسباط، عن جميل بن دراج، قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول: أوتاد الأرض وأعلام الدين أربعة: محمد بن مسلم، وبريد بن معاوية، وليث بن البختري المرادي، وزرارة بن أعين».
و تقدمت.
وهذه الرواية أيضا ضعيفة، ولا أقل من جهة محمد بن عبد الله.
وقال في ترجمة زرارة (٦٢):«حدثني الحسين بن الحسن بن بندار القمي، قال: حدثني سعد بن عبد الله بن أبي خلف القمي، قال: حدثنا علي بن سليمان بن داود الداري، قال: حدثني محمد بن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبيدة الحذاء، قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول: زرارة، وأبو بصير، ومحمد بن مسلم، وبريد من الذين قال الله تعالى: (وَ السّابِقُونَ السّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ)».
و تقدمت.
أقول: الرواية ضعيفة، ولا أقل من جهة علي بن سليمان.
وقال في ترجمة ليث بن البختري (٦٨):«محمد بن مسعود، قال: حدثني أحمد بن منصور، عن أحمد بن الفضل، وعبد الله بن محمد الأسدي، عن ابن أبي عمير، عن شعيب العقرقوفي، عن أبي بصير، قال: دخلت على أبي عبد الله(عليه السلام)، فقال لي: حضرت علباء عند موته؟ قال: قلت: نعم، وأخبرني أنك ضمنتله الجنة، وسألني أن أذكرك ذلك، قال: صدق، قال: فبكيت، ثم قلت: جعلت فداك فما لي، أ لست كبير السن، الضعيف، الضرير، البصير، المنقطع إليكم؟ فاضمنها لي، قال: قد فعلت، قال: قلت: اضمنها لي على آبائك وسميتهم واحدا واحدا، قال: فعلت، قلت: فاضمنها لي على رسول الله(ص)، قال: قد فعلت، قال: قلت: اضمنها لي على الله تعالى، قال: فأطرق، ثم قال: قد فعلت».
و الرواية ضعيفة بأحمد بن منصور، وأحمد بن الفضل، مع أن أبا بصير مطلق، ولم يعلم أن المراد منه هو ليث المرادي، وتقدمت هذه الرواية، عن شعيب العقرقوفي، عن أبي بصير، عن أبي جعفر(عليه السلام) في ترجمة علباء بن دراع الأسدي، كما تقدمت رواية أخرى قوية السند دالة على ضمان الإمام(عليه السلام) الجنة لعلباء وأبي بصير.
«حدثني محمد بن قولويه، والحسين بن الحسن [بن بندار القمي، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثني محمد بن عبد الله المسمعي، قال: حدثني علي بن حديد المدائني، عن جميل بن دراج، قال: دخلت على أبي عبد الله(عليه السلام)، فاستقبلني رجل خارج من عند أبي عبد الله(عليه السلام) من أهل الكوفة من أصحابنا، فلما دخلت على أبي عبد الله(عليه السلام)، قال لي: لقيت الرجل الخارج من عندي؟ فقلت: بلى، هو رجل من أصحابنا من أهل الكوفة، فقال: لا (قدس الله روحه) ولا قدس مثله، إنه ذكر أقواما كان أبي(عليه السلام) ائتمنهم على حلال الله وحرامه، وكانوا عيبة علمه، وكذلك اليوم هم عندي، هم مستودع سري، أصحاب أبي(عليه السلام) حقا، إذا أراد الله بأهل الأرض سوءا صرف بهم عنهم السوء، هم نجوم شيعتي أحياء وأمواتا، يحيون ذكر أبي، بهم يكشف الله كل بدعة، ينفون عن هذا الدين انتحال المبطلين وتأول الضالين، ثم بكى، فقلت: من هم؟ فقال: من عليهم صلوات الله ورحمته أحياء وأمواتا، بريد العجلي،و زرارة، وأبو بصير، ومحمد بن مسلم».
(الحديث).
وتقدم في ترجمة زرارة.
أقول: هذه الرواية ضعيفة، ولا أقل من جهة محمد بن عبد الله المسمعي، وعلي بن حديد.
«محمد بن مسعود، قال: حدثني علي بن محمد القمي، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن علي بن الحكم، عن مثنى الحناط، عن أبي بصير، قال: دخلت على أبي جعفر(عليه السلام)، فقلت: تقدرون أن تحيوا الموتى وتبرءوا الأكمه والأبرص؟ فقال لي: بإذن الله، ثم قال: ادن مني، ومسح على وجهي وعلى عيني فأبصرت السماء والأرض والبيوت، فقال لي: أ تحب أن تكون كذا ولك ما للناس وعليك ما عليهم يوم القيامة، أم تعود كما كنت ولك الجنة الخالص؟ قلت أعود كما كنت، فمسح على عيني فعدت».
أقول: هذه الرواية ضعيفة فإن علي بن محمد (بن فيرزان) لم يوثق، ومحمد بن أحمد مجهول، فإنه محمد بن أحمد بن الوليد على ما يظهر مما رواه قبل ذلك بثلاث روايات، وهو لم يذكر في كتب الرجال.
نعم رواها محمد بن يعقوب بسند معتبر، عن أبي بصير على وجه أبسط، وفي آخرها قال: فحدثت ابن أبي عمير بهذا، فقال: أشهد أن هذا حق كما أن النهار حق.
الكافي: الجزء ١، باب مولد أبي جعفر محمد بن علي(عليه السلام) ١٠٨، الحديث ٣، ولكن لم يظهر أن المراد بأبي بصير فيها هو المرادي، بل الظاهر أنه يحيى بن [أبي القاسم الضرير دون ليث بن البختري، فإنه لم يدل شيء على كونه ضريرا، والله العالم.
«محمد بن قولويه، قال: حدثني سعد بن عبد الله بن أبي خلف، قال: حدثني علي بن سليمان بن داود الرازي، قال: حدثنا علي بن أسباط، عن أبيه أسباط بن سالم، قال: قال أبو الحسن موسى بن جعفر(عليه السلام) : إذا كان يوم القيامة (إلى أن قال) ثم ينادي المنادي أين حواري محمد بن علي، وحواري جعفربن محمد؟ فيقوم عبد الله بن شريك العامري، وزرارة بن أعين، وبريد بن معاوية العجلي، ومحمد بن مسلم، وأبو بصير ليث بن البختري المرادي».
(الحديث).
وتقدمت في ترجمة سلمان (١).
أقول: الرواية ضعيفة، فإن علي بن سليمان مجهول، وأسباط بن سالم لم يوثق.
هذا، وقد ورد في عدة روايات أخر مدح أبي بصير، منها:ما رواه محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، قال: كنت عند أبي عبد الله(عليه السلام) إذ دخل عليه أبو بصير وقد خفره النفس، فلما أخذ مجلسه، قال له أبو عبد الله(عليه السلام) : يا أبا محمد، ما هذا النفس العالي؟ فقال: جعلت فداك، يا ابن رسول الله(ص) كبر سني ودق عظمي واقترب أجلي، مع أنني لست أدري ما أرد عليه من أمر آخرتي، فقال أبو عبد الله(عليه السلام) : يا أبا محمد، وإنك لتقول هذا؟ قال: جعلت فداك، وكيف لا أقول هذا؟ فقال: يا أبا محمد، أ ما علمت أن الله تعالى يكرم الشباب منكم، ويستحيي من الكهول.
(الحديث).
والرواية طويلة، وفيها مدح بليغ للشيعة ولأبي بصير.
الروضة: الحديث ٦.
ورواها في الإختصاص في بيان ما ورد من المدح للشيعة الإمامية، عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن الحسن بن متيل، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبي سليم الديلمي، عن أبي بصير، قال: أتيت أبا عبد الله(عليه السلام) (الحديث)، باختلاف ما.
أقول: الرواية بكلا طريقيهما ضعيفة، مع أنه يحتمل أن يكون المراد بأبي بصير فيها، يحيى بن أبي القاسم دون الليث المرادي.
ومنها: ما رواه محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن محمد بن مسلم، قال: صلى بنا أبو بصيرفي طريق مكة.
(الحديث).
الكافي الجزء ٣، باب السجود والتسبيح والدعاء فيه ٢٥، الحديث ٨، ورواه الشيخ بإسناده، عن أحمد بن محمد مثله.
التهذيب: الجزء ٢، باب كيفية الصلاة وصفتها من الزيادات، الحديث ١٢٠٨.
والرواية صحيحة، ودلالتها على جلالة أبي بصير في فقهه وورعه من جهة ايتمام محمد بن مسلم به واضحة، إلا أنه لم يعلم أن المراد بأبي بصير هو المرادي، بل الظاهر أن المراد به يحيى بن أبي القاسم، فإن الإطلاق ينصرف إليه على ما يأتي بيانه.
وأما الروايات الذامة، فمنها:ما رواه الكشي مرسلا، قال: «روي عن ابن أبي يعفور، قال: خرجت إلى السواد أطلب دراهم للحج ونحن جماعة، وفينا أبو بصير المرادي، قال: قلت له: يا أبا بصير اتق الله وحج بمالك فإنك ذو مال كثير، فقال: اسكت فلو أن الدنيا وقعت لصاحبك لاشتمل عليها بكسائه».
أقول: الرواية لا يعتد بها لإرسالها.
«حدثني حمدويه، قال: حدثني محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبي الحسن المكفوف، عن رجل، عن بكير، قال: لقيت أبا بصير المرادي، قلت: أين تريد؟ قال: أريد مولاك، قلت: أنا أتبعك، فمضى معي فدخلنا عليه وأحد النظر إليه، فقال: هكذا تدخل بيوت الأنبياء وأنت جنب، قال: أعوذ بالله من غضب الله وغضبك، فقال: أستغفر الله ولا أعود، روى ذلك أبو عبد الله البرقي عن بكير».
أقول: هذه الرواية أيضا لا يعتد بها لإرسالها.
هذاو قد روى في كشف الغمة: الجزء ٢، في فضائل الإمام السادس أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق(عليه السلام)، أن دخول أبي بصير على أبي عبد الله(عليه السلام) جنبا لم يكن تسامحا منه، وإنما دعاه إلى ذلك خوفه أن يفوته الدخول مع جماعة من الشيعة عليه(عليه السلام)، وفيه أيضا أن أبا بصير دخل علىأبي عبد الله(عليه السلام) جنبا متعمدا، وهو يريد أن يعطيه الإمام(عليه السلام) من دلالة الإمامة مثل ما أعطاه أبو جعفر(عليه السلام)، وفي آخرها: فقمت واغتسلت، وسرت إلى مجلسي، وقلت عند ذلك إنه إمام.
«الحسين بن إشكيب، عن محمد بن خالد البرقي، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، وأبي العباس، قال: بينما نحن عند أبي عبد الله(عليه السلام) إذ دخل أبو بصير، فقال أبو عبد الله(عليه السلام) : الحمد لله الذي لم يقدم أحد يشكو أصحابنا العام، قال هشام: فظننت أنه تعرض بأبي بصير».
أقول: الحسين بن إشكيب من أصحاب الهادي(عليه السلام) والعسكري(عليه السلام)، فلا يمكن أن يروي عنه الكشي بلا واسطة، فالرواية مرسلة، والظن بأن الواسطة محمد بن مسعود لا يترتب عليه أثر، على أن الرواية ليس فيها دلالة على الذم، بل لعلها تدل على المدح، وأنه سلام الله عليه حمد الله على عدم شكاية أحد أصحابه أبا بصير وأضرابه، وأما ظن هشام فلا أثر له، هذا مضافا إلى عدم القرينة فيها على إرادة الليث بن البختري.
«حمدان، قال: حدثنا معاوية، عن شعيب العقرقوفي، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام)، عن امرأة تزوجت ولها زوج فظهر عليها، قال: ترجم المرأة ويضرب الرجل مائة سوط لأنه لم يسأل، قال شعيب: فدخلت على أبي الحسن(عليه السلام)، فقلت له: امرأة تزوجت ولها زوج؟ قال: ترجم المرأة ولا شيء على الرجل، فلقيت أبا بصير فقلت له: إني سألت أبا الحسن(عليه السلام) عن المرأة التي تزوجت ولها زوج، قال: ترجم المرأة ولا شيء على الرجل، قال: فمسح صدره، وقال: ما أظن صاحبنا تناهى حكمه بعد!».
أقول: الرواية مرسلة فإن الكشي لا يمكن أن يروي عن حمدان.
«علي بن محمد، قال: حدثني محمد بن أحمد بن الوليد، عن حماد بن عثمان، قال: خرجت أنا وابن أبي يعفور وآخره إلى الحيرة أو إلى بعض المواضع، فتذاكرناالدنيا، فقال أبو بصير المرادي: أما إن صاحبكم لو ظفر بها لاستاثر بها، قال: فأغفى، فجاء كلب يريد أن يشغر عليه فذهبت لأطرده، فقال لي ابن أبي يعفور: دعه، فجاءه حتى شغر في أذنه».
أقول: هذه الرواية أيضا ضعيفة لما تقدم.
«حمدويه وإبراهيم، قالا: حدثنا العبيدي، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن أبي بصير، قال: كنت أقرئ امرأة كنت أعلمها القرآن، قال: فمازحتها بشيء، قال: فقدمت على أبي جعفر(عليه السلام)، قال: فقال لي: يا أبا بصير أي شيء قلت للمرأة؟ قال: قلت: بيدي هكذا، وغطى وجهه، قال: فقال لي: لا تعودن إليها».
أقول: لا دلالة في الرواية على الذم، إذ لم يعلم أن مزاحه كان على وجه محرم، فمن المحتمل أن الإمام(عليه السلام) نهاه عن ذلك حماية للحمى، لئلا ينتهي الأمر إلى المحرم، والله العالم.
«محمد بن مسعود، قال: حدثني جبرئيل بن أحمد، قال: حدثنا محمد بن عيسى، عن يونس، عن حماد الناب، قال: جلس أبو بصير على باب أبي عبد الله(عليه السلام) ليطلب الإذن فلم يؤذن له، فقال: لو كان معنا طبق لأذن، قال: فجاء كلب، فشغر في وجه أبي بصير، قال: أف أف، ما هذا؟ قال جليسه: هذا كلب شغر في وجهك».
أقول: جبرائيل بن أحمد لم يوثق، على أن الظاهر أن المراد بأبي بصير فيها يحيى بن القاسم، فإنه كان ضريرا، وأما المرادي فلم نجد ما يدل على كونه ضريرا، ومجرد التكنية بأبي بصير لا يدل عليه، كما هو ظاهر.
«علي بن محمد، قال: حدثني محمد بن أحمد، عن محمد بن الحسن، عن صفوان، عن شعيب بن يعقوب العقرقوفي، قال: سألت أبا الحسن(عليه السلام) عن رجل تزوج امرأة لها زوج ولم يعلم، قال: ترجم المرأة، وليس على الرجلشيء إذا لم يعلم، فذكرت ذلك لأبي بصير المرادي، قال: قال لي والله جعفر(عليه السلام) : ترجم المرأة ويجلد الرجل الحد، قال: فضرب بيده على صدره يحكها [تحكما: أظن صاحبنا ما تكامل علمه».
أقول: الرواية ضعيفة، فإن علي بن محمد لم يوثق، ومحمد بن أحمد مجهول، ومحمد بن الحسن الذي يروي عن صفوان لم يوثق.
فالمتحصل أن الروايات الذامة لم يتم سندها فلا يعتد بها.
نعم روى الشيخ هذه الرواية الأخيرة بسند معتبر، مع اختلاف يسير في المتن.
فقد روى بإسناده، عن علي بن الحسن، عن أيوب بن نوح، والسندي بن محمد، عن صفوان بن يحيى، عن شعيب العقرقوفي، قال: سألت أبا الحسن(عليه السلام)، إلى أن قال: قال: فذكرت ذلك لأبي بصير، فقال لي: والله لقد قال جعفر(عليه السلام) : ترجم المرأة ويجلد الرجل الحد، وقال بيده على صدره يحكه [صدري فحكه: ما أظن صاحبنا تكامل علمه.
التهذيب: الجزء ٧، باب الزيادات في فقه النكاح، الحديث ١٩٥٧، والإستبصار: الجزء ٣، باب الرجل يتزوج بامرأة ثم علم بعد ما دخل بها أن لها زوجا، الحديث ٦٨٧.
و روى هذا المضمون أيضا بإسناده،عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن شعيب، قال: سألت أبا الحسن(عليه السلام)، عن رجل تزوج امرأة لها زوج، قال: يفرق بينهما، قلت: فعليه ضرب؟ قال: لا، ما له يضرب!، فخرجت من عنده وأبو بصير بحيال الميزاب، فأخبرته بالمسألة والجواب، فقال لي: أين أنا؟ فقلت: بحيال الميزاب، قال: فرفع يده فقال: ورب هذا البيت، أو رب هذه الكعبة، لسمعت جعفرا(عليه السلام) يقول: إن عليا(عليه السلام) قضى في الرجل تزوج امرأة لها زوج، فرجم المرأة وضرب الرجل الحد، ثم قال: لو علمت أنك علمت لفضخت رأسك بالحجارة، ثم قال: ما أخوفني ألا يكون أوتي علمه.
التهذيب: الجزء ١٠، باب حدود الزنا، الحديث ٧٦.
أقول: هاتان الروايتان لا بد من رد علمهما إلى أهله، فإن الرجل إذا لم يثبت أنه كان عالما بأن المرأة لها زوج، فما هو الوجه في ضربه الحد، ومجرد احتمال أنه كان عالما لا يجوز إجراء الحد عليه، هذا من جهة نفس الرواية، وأما من جهة دلالتهما على ذم أبي بصير، فغاية الأمر أنهما تدلان على أنه كان قاصرا في معرفته بعلم الإمام(عليه السلام) في ذلك الزمان، لشبهة حصلت له وهي: تخيله أن حكمه(عليه السلام) كان مخالفا لما وصل إليه من آبائه(عليهم السلام)، وهذا مع أنه لا دليل على بقائه واستمراره لا يضر بوثاقته، مضافا إلى أن الظاهر أن المراد بأبي بصير في الرواية يحيى بن القاسم دون ليث المرادي، فإنك ستعرف أنه لم يثبت كون ليث من أصحاب الكاظم(عليه السلام)، والله العالم.
بقي هنا شيء: وهو أن ظاهر النجاشي أن ليث بن البختري لم يرو عن الكاظم(عليه السلام)، كما أن ذكره الكشي في تسمية الفقهاء من أصحاب أبي جعفر(عليه السلام) وأبي عبد الله(عليه السلام) يقتضي ذلك، لكنك عرفت من الشيخ عده في أصحاب الكاظم(عليه السلام) أيضا، والظاهر أن ما ذكره النجاشي هو الصحيح، فإنا لم نجد له الرواية عن الكاظم(عليه السلام) .
وعليه فكل رواية رواها أبو بصير عن الكاظم(عليه السلام)، فهي عن يحيى بن القاسم، والله العالم.
ثم إن الصدوق(قدس سره) ذكر في المشيخة طريقه إلى أبي بصير، ولم يذكر أن المراد به ليث المرادي أو يحيى بن أبي القاسم، ولكن الظاهر أن المراد به يحيى بن أبي القاسم، بقرينة أن الراوي عنه علي بن أبي حمزة، فإنه كان قائد يحيى بن أبي القاسم، ويروي عنه، على ما تعرف في ترجمته.
نعم ذكر الصدوق في الفقيه: أول السند أبا بصير المرادي، باب ما يجوز الإحرام فيه وما لا يجوز، الحديث ١٠١٨.
كما ذكر ليثا المرادي من دون تكنيته بأبي بصير، أول السند في أربعةمواضع، الجزء الأول، باب المواضع التي تجوز الصلاة فيها، الحديث ٧٤١، وباب صلاة المريض والمغمى عليه، الحديث ١٠٥٥، والجزء ٢، باب ما يجوز الإحرام فيه وما لا يجوز، الحديث ٩٨٧، وباب إتيان مكة بعد الزيارة للطواف، الحديث ١٤١٣.
ولم يذكر طريقه إليه، فالطريق كطريق الشيخ إليه مجهول.
طبقته في الحديث
وقع بعنوان ليث المرادي في أسناد كثير من الروايات تبلغ سبعة وخمسين موردا.
فقد روى عن أبي عبد الله(عليه السلام) في جميع ذلك، وروى في مورد واحد عن عبد الكريم بن عتبة الهاشمي.
وروى عنه أبو أيوب، وأبو جميلة، وأبو المغراء، وابن بكير، وابن مسكان، وأبان، وعبد الكريم بن عمرو الخثعمي، وعبد الله بن مسكان، والمفضل بن صالح.
وروى بعنوان ليث بن البختري المرادي، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، وروى عنه المفضل بن صالح.
التهذيب: الجزء ٨، باب عدد النساء، الحديث ٤٦٨، والإستبصار: الجزء ٣، باب أن عدة الأمة قرءان، الحديث ١١٩٤.
وروى بعنوان ليث المرادي أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، وروى عنه عاصم بن حميد.
الفقيه: الجزء ٢، باب الوقت الذي يحرم فيه الأكل والشرب على الصائم، الحديث ٣٦١.
وروى عن عبد الكريم بن عتبة، وروى عنه ابن مسكان.
الكافي: الجزء ٢، كتاب الدعاء ٢، باب من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له عشرا ٣٩، الحديث ١.
و روى عن عبد الكريم بن عتبة الكوفي الهاشمي، وروى عنه ابن مسكان.
التهذيب: الجزء ١، باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة، الحديث ١٠٦، والإستبصار: الجزء ١، باب غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء، الحديث ١٤٥.