اخترنا لكم : الحسن بن صالح الثوري

تقدم في الحسن بن صالح بن حي.

علي بن محمد بن مكي

معجم رجال الحدیث 13 : 173
T T T
قال الشيخ الحر في أمل الآمل (١٤٠): «الشيخ نجيب الدين علي بن محمد بن مكي العاملي الجبيلي، ثم الجبعي: كان عالما، فاضلا، فقيها محدثا (محققا)،مدققا متكلما، شاعرا، أديبا منشئا، جليل القدر، قرأ على الشيخ حسن، والسيد محمد، والشيخ بهاء الدين وغيرهم، له شرح الرسالة الاثني عشرية للشيخ حسن، وجمع ديوان الشيخ حسن، وله رحلة منظومة لطيفة، نحو ألفين وخمسمائة بيت، وله رسالة في حساب الخطأين، وله شعر جيد، رأيته في أوائل سني قبل البلوغ ولم أقرأ عنده.
يروي عن أبيه، عن جده عن الشهيد الثاني، ويروي عن مشايخه المذكورين، وغيرهم، وكان حسن الخط والحفظ، له إجازة لولده ولجميع معاصريه، وذكره السيد علي بن ميرزا أحمد في سلافة العصر، فقال فيه: نجيب أعرق فضله وأنجب، وكماله في العلم معجب، وأدبه أعجب، سقى روض آدابه صيب البيان، فجنت منه أزهار الكلام أسماع الأعيان، فهو للإحسان داع ومجيب، وليس ذلك بعجيب من نجيب، وله مؤلفات أبان فيها عن طول باعه، واقتفائه لآثار الفضل واتباعه، وكان قد ساح في الأرض، وطوى منها الطول والعرض، فدخل الحجاز، واليمن، والهند، والعجم، والعراق، ونظم في ذلك رحلة أودعها من بديع نظمه ما رق وراق، وقد حذا فيها حذو الصادح والباغم، ورد حاسد فضله بحسن بيانها وهو راغم، وقفت عليها فرأيت الحسن عليها موقوفا، واجتليت محاسن ألفاظها ومعانيها أنواعا وصنوفا، واصطفيت منها لهذا الكتاب ما هو أرق من لطيف العتاب (انتهى).
ثم نقل منها نحو مائة بيت، وأنا أذكر يسيرا من شعره، فمنه قوله:
يا أمير المؤمنين المرتضى* * * لم أزل أرغب في أن أمدحك
غير أني لا أرى لي فسحة* * * بعد أن رب البرايا مدحك
و قوله:
مدت حبائلها عيون العين* * * فاحفظ فؤادك يا نجيب الدين
في هجرها الدنيا تضيع ووصلها* * * فيه إذا وصلت ضياع الدين
و قوله:
لي نفس أشكو إلى الله منها* * * هي أصل لكل ما أنا فيه
فمليح الخصال لا يرتضيني* * * وقبيح الخصال لا أرتضيه
فالبرايا لذا وذاك جميعا* * * لي خصوم من عاقل وسفيه
و قوله:
يا ما رأينا وما رأينا* * * وكل شيء له انقضاء
و الحكم لله في البرايا* * * كما به قد جرى القضاء
و قوله:
كل امرئ بين امرأين* * * بين الأنام مقصر
إما امرؤ متوكل* * * أو آخر متهور
و قوله في مرثية شيخه السيد محمد:
جودي بدمع مستهل غزير* * * يا عين فالرزء جليل خطير
و إن رقى الدمع فسيحي دما* * * ففادح الرزء بهذا جدير
دك لعمري جبل شامخ* * * كادت له الشم العوالي تسير
طود على بحر نهى يا له* * * من أوحد ليس له من نظير
و قوله:
يا رب ما لي عمل صالح* * * به أنال الفوز في الآخرة
إلا ولائي لبني هاشم* * * آل النبي العترة الطاهرة
و قوله:
يا من تحار البرايا في وصف عز جلاله* * * حرم على النار وجهي بالمصطفى، وبآله
و قوله من قصيدة يرثي بها الشيخ حسن والسيد محمد (رحمهما الله) :
أسفا لفقد أئمة لفواتهم* * * أيدي الفضائل والعلى جذاء
هم عزة كانت لجبهة دهرنا* * * ميمونة وضاحة غراء
إن عد ذو فضل وعلم زاخر* * * فهم لعمري القادة العلماء
أو عد ذو كرم وفضل شامخ* * * فهم لعمري السادة الكرماء
حبران ما لهما وحقك ثالث* * * فاعلم بأن الثالث العنقاء
بحران ماؤهما فرات سائغ* * * عذب وفيه رقة وصفاء
و قوله:
علة شيبي قبل إبانه* * * هجر حبيبي في المقال الصحيح
و يدعي العلة في هجره* * * شيبي وفي ذلك دور صريح
أقول: وقد كتبت الرحلة المذكورة بخطي من خطه في أوائل الشباب وكتبت على ظهرها من شعري هذه الأبيات:
يا رحلة بديعة في فنها* * * كاملة في لطفها وحسنها
بليغة أنيقة طريفة* * * لطيفة رشيقة شريفة
فهي كروض مونق نضير* * * ليس له في الحسن من نظير
لست ترى في نظمها تكلفا* * * كلا ولا في سبكها تعسفا
تفوق في اللطف شذى النسيم* * * والعنبر الفائح في التسنيم
جامعة للوعظ والأمثال* * * بارعة عديمة المثال
ألفها أفصح أهل دهره* * * فتى علا عن كل أهل عصره
فيا له من كامل ممجد* * * أحرز أصناف العلى والسؤدد
سقى ثراه سحب الرضوان* * * وكان مثواه لدى رضوان
في جنة الخلد مع الأئمة* * * أهل العلى وشفعاء الأمة
(عليهم السلام) ما دار فلك* * * وسبح الله مدى الدهر ملك